القوة الاقتصادية.. السلاح الجديد في سباق النفوذ العالمي
منذ 2 ساعة
لم يعد التفوق العسكري والسياسي وحده كافيًا لترسيخ مكانة الدول على الساحة الدولية، بل باتت القوة الاقتصادية ركيزة أساسية تمنحها نفوذًا مضاعفًا، سواء في مواجهة الخصوم أو في التأثير على الحلفاء. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، لا تعتمد فقط على قوتها العسكرية والدبلوماسية، بل تستند أيضًا إلى تفوقها الاقتصادي القائم على الابتكار والإنتاجية العالية.
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اعتمد سياسة المواجهة الاقتصادية، مستخدمًا التعريفات الجمركية وأدوات الضغط الاقتصادي مع الحلفاء، فيما لجأ إلى العقوبات لمواجهة الخصوم مثل روسيا وإيران. هذه الاستراتيجية عززت مكانة الاقتصاد الأميركي كأحد أهم أدوات التأثير السياسي، حيث لم تقتصر واشنطن على التفوق التكنولوجي المحلي، بل نجحت أيضًا في استقطاب الكفاءات العالمية، مما جعل سياسة الهجرة المقيدة خطرًا على استمرار تفوقها الاقتصادي.
التكنولوجيا.. مفتاح التفوق الاقتصادي
الشركات الأميركية الكبرى، إلى جانب الجامعات الرائدة، تعتمد على الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي لاستقطاب العقول المبتكرة. التعاون الدولي في مجالات البحث والتطوير يلعب دورًا محوريًا في تعزيز هذا التفوق، إذ تستفيد الولايات المتحدة من الشراكات مع المؤسسات العلمية حول العالم، سواء عبر الندوات أو المشاريع البحثية المشتركة.
وفي السياق ذاته، تشكل تجربة كوريا الجنوبية نموذجًا ناجحًا للاستفادة من الابتكار التكنولوجي في دفع عجلة الاقتصاد. فقد بدأت بتعلم الدروس من الدول المتقدمة مثل اليابان، لكنها سرعان ما طورت أبحاثها الخاصة، مما جعل شركاتها، مثل "سامسونغ"، رائدة عالميًا في العديد من القطاعات.
عوامل النجاح التكنولوجي في الألفية الثالثة
لكي تحقق الدول نجاحًا في مجال التكنولوجيا، هناك عدة عوامل أساسية يجب توفرها:
- حجم السوق: يحدد القدرة على تسويق المنتجات وتحفيز الابتكار. الدول ذات الأسواق الصغيرة يمكنها النجاح إذا استفادت من الأسواق الخارجية، بينما تمتلك الدول الكبرى ميزة الاعتماد على أسواقها الداخلية.
- حماية الملكية الفكرية: ضرورة لضمان استفادة المبتكرين من أعمالهم، مما يعزز استمرار الابتكار. المؤسسات الدولية تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال.
- هيكلية السوق والمنافسة: احتكار الشركات الكبرى قد يعيق الإبداع، لذا فإن وجود منافسة حرة يشجع الشركات الناشئة على تقديم حلول جديدة.
- الاستثمار في البحث والتطوير: يعد دعم الحكومات للأبحاث العلمية أمرًا حاسمًا، حيث تعتمد التكنولوجيا الخاصة غالبًا على الأبحاث الممولة من القطاع العام، مما يضمن استمرار الابتكار بتكلفة أقل.
التكنولوجيا.. هل تقود الإنسان أم العكس؟
في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة، يواجه العالم تحديات كبرى تتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي والتطور الرقمي على أسواق العمل ومستويات الأجور. فمع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، تبرز تساؤلات حول علاقتها بسعادة الإنسان، ومدى تأثيرها على الحريات الفردية والديمقراطية.
هل يمكن للتكنولوجيا أن تساهم في حل مشكلات كبرى مثل الأمراض المزمنة، والتغير المناخي، والفقر؟ أم أنها قد تؤدي إلى تركيز السلطة الاقتصادية في أيدي قلة، مما يهدد الأنظمة الديمقراطية؟
في هذا السياق، قال مؤسس "أبل"، ستيف جوبز: "علينا بناء المستقبل دون القلق من الماضي"، مؤكدًا أن النجاح الاقتصادي يعتمد على اختيار التكنولوجيا المناسبة وتوظيفها بطرق تخدم الإنسان. لكن يبقى السؤال الأهم: هل نحن من يقود التكنولوجيا، أم أنها بدأت تقودنا؟
المصدر : وكالات