من بودابست الى بيروت: خلف الحبتور بين قصة نجاح أوروبية وخيبة لبنانية
منذ 2 ساعة
في خطوة تعكس نجاحه المستمر وريادته في عالم الأعمال، افتتح رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور فندقًا جديدًا في العاصمة المجرية بودابست، ليكون أول فندق عربي يُفتتح في الاتحاد الأوروبي. هذا المشروع لا يعكس فقط التوسع الاستثماري للحبتور، بل يُثبت أيضًا كيف تتنافس الدول الغربية والعربية على استقطاب المستثمرين الذين يساهمون في تعزيز اقتصاداتها.
ولكن، في الوقت نفسه الذي كان فيه الحبتور يفتتح مشروعًا جديدًا في أوروبا، كان يُعلن عن تصفية استثماراته في لبنان، نتيجة التدهور الأمني، وانعدام الإصلاحات، واستمرار الفساد، مما يطرح مفارقة واضحة بين بيئة تجذب المستثمرين وأخرى تطردهم.
لماذا بودابست وليس بيروت؟
اختيار الحبتور لبودابست لم يكن صدفة. فالمجر تقدم بيئة آمنة للمستثمرين، حيث توجد حكومة مستقرة، قوانين واضحة، وتشجيع رسمي وشعبي لرؤوس الأموال. في بودابست، لا يوجد حزب الله الذي يفرض سطوته على الاقتصاد والأمن، ولا توجد مليشيات مسلحة تهدد رجال الأعمال، ولا يوجد من يتحكم بقرار الحرب والسلم نيابة عن الدولة. هناك، الإعلام يدعو للاستثمار ويدعم المستثمرين، بينما في لبنان، نجد أبواق الدعاية الصفراء التابعة لحزب الله وحلفائه تشن حملات ممنهجة ضد رجال الأعمال العرب، وبدلًا من دعمهم للبقاء، يحتفلون بمغادرتهم وكأنهم أعداء للبنان.
حملة ممنهجة ضد الحبتور: الحقد على النجاح؟
لم يكن قرار الحبتور بمغادرة لبنان سهلاً، فقد ظل من أكبر داعمي الاقتصاد اللبناني، وحرص على إبقاء استثماراته قائمة رغم الخسائر التي تعرض لها نتيجة أزمة المصارف والانهيار الاقتصادي. ولكن، بدل أن يُشكر على موقفه الوطني، وجد نفسه هدفًا لحملات التشويه من قبل الإعلام المأجور الذي يخدم أجندات معروفة. هؤلاء لا يريدون الاستثمار في لبنان، بل يريدونه دولة فاشلة محكومة بالمليشيات، لأن ازدهار لبنان يهدد مصالحهم، فوجود رجال أعمال ناجحين مثل الحبتور يعيد لبنان إلى واجهة الاقتصاد والانفتاح، وهذا يتعارض مع مشروعهم القائم على الفقر والتبعية للخارج.
الحبتور واللبنانيون: علاقة متينة رغم الحملات
على الرغم من كل المحاولات لضرب علاقته بلبنان، إلا أن قطاعًا كبيرًا من اللبنانيين يرى في الحبتور أحد أعمدة الصمود الاقتصادي. فهو لم يكن مجرد مستثمر، بل وقف إلى جانب اللبنانيين في أصعب المراحل، وقدم دعمًا غير معلن، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت، حيث ساهمت جمعيات مدعومة من الحبتور في مساعدة المتضررين دون أن يعلن ذلك رسميًا. هذا الموقف يعكس مدى حبه للبنان ورغبته في دعمه، لكن الظروف الأمنية والسياسية فرضت عليه الرحيل.
هل يخسر لبنان مستقبله؟
ما يحدث مع الحبتور ليس حالة فردية، بل جزء من مشكلة أعمق تتعلق بكيفية تعامل لبنان مع المستثمرين العرب والأجانب. فبدل أن تسعى الدولة إلى خلق بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار، نجد أن المنظومة الحاكمة، المدعومة من المليشيات، تعمل على إفراغ لبنان من رجال الأعمال الناجحين، مما يزيد من عزلة البلاد الاقتصادية. في المقابل، تتسابق الدول الغربية والعربية لجذب هؤلاء المستثمرين، وتوفر لهم كل التسهيلات اللازمة، كما فعلت المجر مع الحبتور.
الخلاصة: الاستثمار في لبنان بين خيارين
لبنان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يستعيد دوره كمركز اقتصادي منفتح، أو أن يبقى رهينة أجندات سياسية ومليشياوية تدمر اقتصاده. الحبتور ليس الأول، وربما لن يكون الأخير، لكن رحيله هو ناقوس خطر يجب أن يدفع كل لبناني غيور على مستقبل بلده إلى التساؤل: لماذا ينجح رجال الأعمال في أوروبا والخليج، بينما يفشل لبنان في الاحتفاظ بهم؟