خاص- إقفال كلية الدعوة: فضيحة الفضائح والمتورطون كثر
منذ 2 ساعة
تفاصيل الفضيحة
تبيّن أن الكلية كانت تسجّل طلابًا داخل لبنان وخارجه، لا سيما في تركيا وسوريا، دون الالتزام بالقوانين المعتمدة. وكانت العملية تجري بطريقة فاضحة، حيث يتم إرسال أوراق الامتحانات عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات المراسلة مثل "واتساب"، ثم يتم التلاعب بالنتائج لاستخراج معدلات نجاح عالية تتيح للطلاب الالتحاق ببرامج الماجستير والدكتوراه أو الحصول على المعدلات المطلوبة ضمن هذه البرامج، ما يعني عمليًا منح شهادات جامعية لمن لا يستحقها.
المدير العام للتعليم العالي، وبعد تحقيق دقيق، استطاع جمع الأدلة الدامغة التي تثبت هذه الممارسات، ما دفعه إلى عرض الملف على وزير التربية عباس الحلبي، الذي أعطى دعمه الكامل لاتخاذ الإجراءات اللازمة. وبناءً على ذلك، صدر القرار رقم 1078/م/2024 بتاريخ 27 كانون الأول 2024، الذي قضى بتشكيل لجنة وصاية لإدارة الكلية والتدقيق في كل ملفاتها بهدف تصحيح الوضع واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على نتائج التحقيق.
إجراءات صارمة وإدارة جديدة
في 16 كانون الثاني 2025، قاد المدير العام للتعليم العالي فريقًا من الموظفين وأعضاء من اللجنة الفنية الأكاديمية ولجنة الوصاية، حيث توجهوا إلى مقر الكلية في محلة مار الياس. وبعد الاطلاع على الواقع، تأكدت صحة المعلومات التي تم جمعها سابقًا، ليتم على الفور تسلّم المركز المعتمد للكلية بكل موجوداته، وإقالة المتولي غير الشرعي لإدارتها، الذي كان يشغل المنصب رغم عدم استيفائه الشروط الأكاديمية المطلوبة.
باشرت لجنة الوصاية مهامها فورًا، حيث بدأت بإجراء جردة شاملة للملفات والتدقيق في كل الوثائق المتعلقة بالطلاب والشهادات الصادرة عن الكلية. هذا الإجراء يهدف إلى تنظيف المؤسسة من المخالفات التي شابت عملها، ووضع حد نهائي لبيع الشهادات الأكاديمية.
فضيحة تهز التعليم العالي في لبنان
هذه القضية ليست مجرد تجاوز إداري، بل هي واحدة من أخطر الفضائح التي تطال التعليم العالي في لبنان. فالتلاعب بالمعدلات والشهادات يضرب جوهر المنظومة التعليمية، ويهدد مستقبل الطلاب الذين اجتهدوا للحصول على شهاداتهم بجدارة، كما أنه يسيء إلى سمعة الجامعات اللبنانية على المستوى الدولي.
اللافت أن الفساد في هذه الكلية لم يكن فرديًا، بل تورطت فيه شبكة واسعة من الإداريين والموظفين الذين سهّلوا عمليات الاحتيال والتزوير. وهذا يطرح تساؤلات جدية حول مدى انتشار هذه الظاهرة في مؤسسات أخرى، ومدى فعالية الرقابة المفروضة على الجامعات الخاصة.
هل ستكون هذه الخطوة كافية؟
قرار إقفال الكلية ووضعها تحت وصاية الدولة هو خطوة إيجابية، لكنه لا يكفي وحده لمعالجة الأزمة العميقة التي تعاني منها بعض مؤسسات التعليم العالي في لبنان. المطلوب اليوم هو إصلاح جذري يبدأ بوضع معايير صارمة للترخيص ومراقبة عمل الجامعات والكليات، إضافة إلى فرض عقوبات رادعة على كل من يثبت تورطه في التلاعب بالشهادات.
في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية التي يعيشها لبنان، يبقى قطاع التعليم أحد الركائز الأساسية التي يجب الحفاظ عليها، إذ لا يمكن أن يُسمح باستمرار مثل هذه الانتهاكات التي تقوّض مستقبل الأجيال القادمة. فهل يكون هذا القرار بداية لمحاسبة الفاسدين في قطاع التعليم، أم أنه مجرد حل مؤقت سرعان ما يتم الالتفاف عليه؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف الحقيقة.