يوسف مرتضى - كاتب سياسي


الإنجيليون الجدد في الولايات المتحدة الأميركية ينتمون إلى العقيدة التلمودية في العهد القديم، القائلة بضرورة قيام دولة إسرائيل على كامل الخريطة الفلسطينية، وإن تعيد هذه الدولة الدولة بناء هيكل الملك سليمان الموجودة قاعدته تحت مبنى المسجد الأقصى ، وأنه عند اكتمال هذا البناء الذي سيحصل بعد وقوع حرب الهرمجدون"حرب القيامة عند اليهود"، سيظهر المسيح ويحكم العالم لمدة ألف سنة مقبلة.
الإنجيليون هؤلاء،  هم من كبار أغنياء الطائفة المسيحية الإنجيلية في الولايات المتحدة الأميركية ويمثّلون أكثر من ٢٠٪؜ من قواها الناخبة، وهي أهم قاعدة انتخابية لدونالد ترامب.


خطاب بنجامين نتنياهو في أيلول عام ٢٠٢٣ في الأمم المتحدة والخريطة التي رفعها والتي تطابق خطابه ، أكد على مشروع  دولة إسرائيل الكبرى التلمودية، وهو مشروع اليمين الإسرائيلي المتطرف ، شركاء نتنياهو في الحكومة، امثال بن غفير وسموترتش الذي دعا إلى إبادة الشعب الفلسطيني باستخدام السلاح النووي.


الملفت أن إسرائيل اليمينية تلك، التي عجزت بعد ٤٧١ يوماً من حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، عن تحقيق هدفها، بتهجير أهل غزة من أرضهم بعد أن قتلت الألوف منهم  وجرحت عشرات الألوف وشردتهم جميعاً، حيث باتوا يعيشون في العراء بعد أن هدّمت آلة الحرب  الصهيونية منازلهم ، يأتي ترامب وقبل أن تطأ قدماه البيت الأبيض ليعلن بأشكال  مختلفة نيته في اقتلاع الغزيين من أرضهم وترحيلهم إما إلى البلاد العربية المحاورة ، مصر والأردن، أو إلى ألبانيا وأندونيسيا، تحقيقاً للوعد التلمودي ، الذي رحب به بن غفير وسموترتش أيما ترحيب.
وكان ترامب قبل ذلك قد أحاط نفسه بتركيبة في إدارته جلهم من اليهود المتطرفين المعروفين بتعاطفهم مع اليمين الإسرائيلي المتطرف ، أمثال: سفير الولايات المتحدة إلى إسرائيل، مايك هاكابي" الذي وصفته قناة ١٢ الإسرائيلية ، بأنه يحب إسرائيل ويعارض حل الدولتين. مندوب ترامب إلى الشرق الأوسط، اليهودي ستيف ويتكوف الذي يؤيد الاستيطان في الضفة الغربية وضم غزة والضفة.مورغان أورتاغوس مندوبة ترامب إلى لجنة الرقابة الدولية لتطبيق ال١٧٠١ بديلاً لأموس هوكشتين.ماركو روبيو وزيراً للخارجة وهو يتباهى على طريقة بايدن أنه صهيوني… الخ.


نتذكر أن وزير الخارجية في إدارة بايدن أنطوني بلينكن قد جاء إلى المنطقة في زيارة تمهيدية تحضيراً لزيارة بايدن  إثر عملية السابع من أكتوبر، وحاول أن يضغط على الرئيس السيسي والملك عبدالله بن الحسين ومحمود عباس لقبول تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن وقطر والسعودية ، على أن يصل بايدن ويعقد اجتماع قمة معهم ليبارك موافقتهم مقابل إغراءات مالية وسياسية، لكن مبادرة بلينكن باءت بالفشل بعدما رفضها المسؤولون العرب الثلاثة بقوة . ورغم ما تعرض له أهل غزة من حرب إبادة وحصار وتجويع ، رفضوا كل الدعوات للخروج من غزة . فهل بعد كل هذه المقاومة وهذا الصبر  للغزيين سينجح ترامب واليمين الإسرائيلي بدفعهم للهجرة؟ أنا من جهتي أشك لا بل أستبعد ذلك. وإن من دس هذا الأمر في إذن ترامب كأنه يدفع به إلى خيار يتناقض مع ما كان قد أعلنه عن استراتجيته لوقف للحروب والتفرّغ لتنمية الدور الاقتصادي لأميركا لجعلها عظيمة اقتصادياً . فالدفع بتهجير الفلسطينيين من غزة وتوسيع الاستيطان بالضفة الغربية سينشأ عنه حالة فوضى عارمة وحروب قد تشمل منطقة الشرق الأوسط بأكملها، الأمر الذي يتناقض مع فكرة الإستقرار والسلام التي روج لها ترامب في حملته الانتخابية.


 إن موقف الشعب الفلسطيني الرافض بالمطلق لدعوات ترامب بالهجرة وكذلك ما أعلنه الرئيس السيسي والملك عبدلله الثاني من رفض الفكرة والتحذير من مغبة السير بها يشكل بدون شك عائقاً حقيقياً أمام احتمال نجاحها، هذا فضلاً عن تناقض هذه الفكرة مع مشروع المملكة العربية السعودية المصرة على حل الدولتين مقابل توسيع المشروع الإبراهيمي للتطبيع مع إسرائيل .
بجب أن تموت مبادرة ترامب بتهجير الفلسطنيين في مهدها، وإلا المنطقة والعالم سيكونان على حافة انفجار لن يسلم منه الأمن والسلام الدوليين.


المصدر : Transparency News