بيار عطاالله


اتصلت بي ذات يوم سكرتيرة غسان تويني (على ندرة اتصالها بي) لتخبرني أن الاستاذ يريدني في مكتبه... لم تعجبني  لهجتها، ولكن لا بد من تلبية الامر... 
دخلت مكتب تويني فوجدته في جلسته التقليدية يدخن سيكارته الدهرية وامامه الاستاذ نواف سلام، زوج زميلتنا الأستاذة سحر بعاصيري مسؤولة قسم الدوليات...

دعاني الاستاذ غسان إلى الجلوس، وسألني على طريقته: "تعرف الاستاذ نواف سلام ؟". اجبت :"طبعا".
تابع الاستاذ غسان متحدثا عن اعتراض نواف سلام على مقالة معينة كتبتها والأفكار الواردة فيها..... فاجبت بحذر من صمت نواف سلام الذي لم يتفوه بكلمة منذ دخولي وكان يبدو حانقا جدا :" كتبت ما توفر لدي من معلومات وعرضتها في المقالة، التي اطلع عليها كل المسؤولين عن التحرير ....".
عند هذه النقطة انفجر الاستاذ نواف دفعة واحدة وبعصبية وصراخ موجها كلامه إلى الاستاذ غسان: "ألم اقل لك.... هؤلاء لا يقبلون الكلام ولا النقاش ولا الملاحظات....".

فهمت سريعا من هم هؤلاء الذين لا يقبلون النقاش، وفهم الداهية الاستاذ غسان بسرعة، فشكرني وطلب مني العودة الى العمل وهو يمج سيكارته ببرودة أعصاب.....

اتمنى ان يكون دولة الرئيس المكلف قد تغير بعد هذه السنين،  وخرج من عقلية "الكتيبة الطالبية" لحركة "فتح" الفلسطينية، ف "هولاء" خرجوا من الانعزال الذي فرض عليهم قسرا إلى رحاب الانتماء العربي الحضاري.... واتمنى صادقا، بدليل تأييدي العارم لتسمية السفير سلام لتشكيل الحكومة،  ان تكون منابر الأمم المتحدة وقوس المحكمة الجنائية الدولية وصفوف السوربون قد غيرت نظرته الى "هؤلاء الذين لا يقبلون النقاش"، والذين رفضوا الاحتلالات واصروا على رفع العلم اللبناني، وقدموا الالاف من الشهداء والجرحى والمعوقين دفاعا عن الفكرة اللبنانية.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News