إلى متى سيستمر لبنان في دفع ثمن الفشل السياسي؟
منذ 2 ساعة
إن إسناد وزارة المالية إلى ذات الفريق الذي أدارها منذ العام 2014 لغاية اليوم، وتسببَ بالإنهيار الكبير عبر الفجوة المالية المعروفة، ومنعَ التدقيق الجنائي، كما عرقلَ أيضاً التشكيلات القضائية، وصولاً إلى منع التحقيق في تفجير المرفأ، ليس سوى ضربة قاسية، كي لا نقول قاضية، لانطلاقة العهد، وضربة قاسمة لخطاب القسم الذي ضمّنه الرئيس عبارة واضحة وهي: "التزام المداورة"، فأين هي هذه المداورة عندما تستقر وزارة المالية في "جيب" ذات الجهة وذات المرجعية، التي تَعَرّضَ وزيرها السابق لعقوبات أميركية نتيجة لإدارته هذه الوزارة بالتحديد.
ثم، أين هي وحدة المعايير التي تحدّث عنها الرئيس سلام، عندما يسند حقيبة سيادية لوزير حزبي، ويحجب مثلها عن أكبر تكتّل نيابي في البرلمان اللبناني؟ كما أين هي عبارته الشهيرة التي جاء فيها: "ليس من حقيبة حكراً على طائفة، وليس من حقيبة ممنوعة عن طائفة" فهل ما كان يقوله سلام في خطاب ما بعد تكليفه هو كلام بكلام لا قيمة فعليّة له ولا ترجمة عملية لمضمونه؟
عملياً، لقد بدّدَ سلام، عبر خرقه لأصول التشكيل، كل آمال الشعب اللبناني التي علّقها على بداية عهد توسّم فيه التغيير، فإذا به يكون امتداداً لحقبة سوداء بالية طال زمنها وزمانها...
والسؤال الجوهري هو، أين العدالة في التوزيع يا مَن لبستَ ثوبها وجلستَ تحت قوسها ونطقتَ باسمها وحملتَ مطرقتها؟ ثم، أين ميزان العدل الذي ترفع شعاره، هل أبقيته في لاهاي، أم أن هذا الميزان هو فعل إيمان وممارسة يكون حيث تكون، ترفعه في كل المحافل وفي كل المهام الموكلة، وقبلَ هذه وتلك يكون هذا الشعار، لا بل هذا الميزان ثابتاً في الممارسة عبر العقل والوجدان والضمير...
الرئيس سلام، عهدناك رجل عدل وعدالة، وتأمّلنا أنك ستنقل قِيَم العدالة إلى رحاب السياسة، وليس العكس، ولا ان تكون حكومتك الأولى امتداداً لحكومات سقطت قبل أن تُباشر مهامها، فالعبرة لمن اتعظ، والأمثلة كثيرة والمشاهد أكثر.
دولة الرئيس، الرجوع عن الخطأ لأجل الوطن ليس خطيئة ولا جريمة، بل خطوة جريئة...
باختصار، الأوطان تُبنى عبر مواجهة الواقع مهما كان صعباً، وليس عبر شعارات برّاقة تسقط عند أول استحقاق، فعند الإمتحان يُكرم المرء أو يُهان، فكيف إذا كان المرء يُمثّل وطناً بأسره وشعباً بأكمله، لذا، لا بد من أن يُكرّم، لأن البديل هو المهانة التي تُرافق الرحيل ويكتبها التاريخ... والسلام.
المصدر : Transparency News