دراسة موضوعية في ملف شائك: إنصاف اللاجئين الفلسطينيين في حقوقهم المدنية لا يعني التوطين ولا يتعارض مع السيادة أعد مجموعة من الباحثين دراسة مفصلة تم فيها جدولة المسائل المتعلقة بالحقوق المدنية للشعب الفلسطينين اللاجئ في لبنان،الذين هم جزء من فلسطينيي الشتات.


من بين هؤلاء الفلسطينيين، يوجد أكثر من 450 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان،حسب الأرقام الرسمية أما العدد الفعلي فتضاءل ليصل الى ١٢٠ ألفاً، يعيشون في ظروف صعبة ومؤلمة، من أجلهم ومن أجل حقوقهم، تورد  الدراسة حقوقهم  الأساسية التي يجب أن يتمتعوا بها في لبنان، والظروف التي يعيشون فيها، والتحديات التي تواجههم، وسبل تحسين أوضاعهم.

أولًا: خلفية تاريخية

الفلسطينيون في لبنان هم جزء من الشعب الفلسطيني الذي شُتت نتيجة لنكبة 1948، حيث تم تهجيرهم من أراضيهم نتيجة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. كانوا يعيشون في المخيمات التي أسستها الأمم المتحدة منذ أكثر من سبعين عامًا، ولا يزالون يعيشون في هذه المخيمات أو في مناطق أخرى في لبنان.

منذ بداية اللجوء، لم يجد الفلسطينيون في لبنان ما يضمن لهم حقوقهم الإنسانية الأساسية. ونظراً للظروف السياسية في لبنان والمعاناة الاقتصادية، ظل هؤلاء اللاجئون يتعرضون للتهميش والحرمان من حقوق كثيرة، رغم أن لديهم الحق في العودة إلى وطنهم.

ثانيًا: الوضع القانوني والحقوقي للفلسطينيين في لبنان

1. الحقوق المدنية والسياسية:
   - عدم منح الجنسية: أحد أبرز الحقوق المفقودة للفلسطينيين في لبنان هو حقهم في الحصول على الجنسية اللبنانية، إذ لا يسمح لهم قانونًا بالحصول على الجنسية،وهذه الصعوبة ناتجة عن إشكالية  الأزمة الديموغرافية.
- الحق في العمل: يعاني اللاجئون الفلسطينيون من تقييد كبير في العمل في لبنان، حيث تحظر القوانين عليهم العمل في العديد من المهن والقطاعات، مما يضطرهم إلى الاعتماد على أعمال غير قانونية أو مهن ذات دخل منخفض. هذا يساهم في انتشار الفقر وارتفاع معدلات البطالة بينهم.
   - الحق في المشاركة السياسية: لا يُسمح للفلسطينيين في لبنان بالمشاركة في الانتخابات، سواء كانت المحلية أو البرلمانية. كما أن لهم تمثيل محدود في السياسة اللبنانية.

2. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية:
   - التعليم: بالرغم من وجود العديد من المدارس التابعة للأونروا التي تقدم التعليم للاجئين الفلسطينيين، إلا أن التحديات التي يواجهها الطلاب الفلسطينيون تشمل قلة الموارد، وضغط الأعداد الكبيرة، وصعوبة الانتقال إلى مراحل تعليمية أعلى.
   - الرعاية الصحية: يواجه اللاجئون الفلسطينيون صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية المناسبة، حيث يعتمدون بشكل كبير على الخدمات التي تقدمها الأونروا، لكن في حالات الطوارئ أو في حال لم تكن الخدمات كافية، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة.
   - الحق في السكن: يعيش العديد من الفلسطينيين في لبنان داخل مخيمات مكتظة، تعاني من نقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي. في كثير من الأحيان، تكون هذه المخيمات بيئات غير صحية تساهم في تفشي الأمراض.

3. الحقوق الثقافية والتجميع الاجتماعي

4. - الحق في الحفاظ على الهوية الفلسطينية: رغم الظروف القاسية، يحاول الفلسطينيون الحفاظ على هويتهم الثقافية والوطنية. وتُعتبر المخيمات الفلسطينية في لبنان بمثابة مراكز ثقافية فلسطينية تشع بالحياة الوطنية، من خلال الفعاليات الثقافية والفنية والتعليمية.

   - الحق في العودة: بالرغم من الظروف الصعبة، يبقى الحق في العودة إلى فلسطين هو المطلب الرئيسي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو حق مكرس في القانون الدولي، وخاصة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.

ثالثًا: التحديات التي تواجه الفلسطينيين في لبنان

- التمييز الاجتماعي: يتعرض الفلسطينيون في لبنان للتمييز في عدة مجالات، سواء في العمل أو التعليم أو حتى الرعاية الصحية. تُعتبرهم بعض شرائح المجتمع اللبناني "أجانب" رغم أنهم جزء من نسيج الشعب الفلسطيني.
- الفقر: يعيش معظم الفلسطينيين في لبنان في حالة فقر شديد، حيث لا تتوفر لهم فرص اقتصادية حقيقية لتحسين أوضاعهم المعيشية. تؤدي هذه الظروف إلى تفشي البطالة، مما يسبب العديد من المشاكل الاجتماعية.
- الانعدام الأمني: في ظل الظروف الأمنية والسياسية المعقدة التي يعاني منها لبنان، يعاني اللاجئون الفلسطينيون من التهديدات المتواصلة، خصوصًا في المناطق التي تشهد صراعات مستمرة.

رابعًا: دور المجتمع الدولي والأونروا
إن المجتمع الدولي مطالب بلعب دور أكثر فعالية في تحسين وضع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث أن قضيتهم تتعلق بالعدالة الإنسانية وحقوق الإنسان الأساسية. من خلال دعم اللاجئين في لبنان، يمكن تسليط الضوء على حاجاتهم الماسة لتحقيق الأمن، والعدالة الاجتماعية، والعيش الكريم.

- دور الأونروا: منذ تأسيسها، كانت الأونروا تشكل المصدر الأساسي للمساعدة الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان. تقدم الأونروا خدمات التعليم، والرعاية الصحية، والمساعدات المالية، لكن الدعم لا يزال غير كافٍ لتلبية احتياجات هؤلاء اللاجئين.
- التعاون مع المنظمات الدولية: ينبغي تعزيز التعاون بين المنظمات الدولية والحكومة اللبنانية لتوفير الدعم اللازم للاجئين، وتقديم حلول دائمة، مثل تحسين البنية التحتية للمخيمات، وتوسيع نطاق البرامج التعليمية، والرعاية الصحية، وتوفير فرص العمل.

خامسًا: سبل تحسين الوضع الحالي للفلسطينيين في لبنان

1. توفير فرص العمل: ينبغي على الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية العمل على تشريع قوانين تسهل للفلسطينيين الوصول إلى فرص العمل في لبنان.
2. تحسين ظروف الحياة في المخيمات: يمكن تحسين ظروف الحياة في المخيمات من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير خدمات أفضل للصحة والتعليم.
3. تمكين اللاجئين الفلسطينيين: من الضروري توفير برامج دعم نفسي واجتماعي لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين على التكيف مع حياتهم الجديدة في لبنان، وتحفيزهم على الحفاظ على ثقافتهم وهويتهم.


إن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يجب أن تكون أولوية في العمل الإنساني والدبلوماسي الدولي. نحن بحاجة إلى العمل سويًا من أجل تحسين أوضاعهم، تمكينهم من الحصول على حقوقهم الأساسية، والعمل نحو توفير حلول مستدامة لقضيتهم العادلة. إن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ليسوا مجرد أرقام في تقارير الأمم المتحدة، بل هم أفراد لديهم حقوق يجب أن تُحترم وتُصان.

لهذا يتوجب الوقوف مع حقوقهم ونضالهم المستمر من أجل حياة كريمة، ومن أجل العودة إلى وطنهم  فلسطين.


المصدر : Transparency News