خاص - ماذا لو كُلّف فؤاد مخزومي بتشكيل الحكومة؟
منذ 3 ساعة
لطالما شكّل فؤاد مخزومي حالةً خاصة في المشهد السياسي اللبناني، فهو رجل أعمال ناجح، صاحب تجربة دولية واسعة، وكاريزما لا تتكئ على الشعبوية، بل على معادلة تجمع بين الحضور الفعّال والعمل الجاد. ابن العائلة العريقة، التي تعود جذورها إلى بني مخزوم، لم يكن يومًا بعيدًا عن السياسة، لكنه خاضها بأسلوبه الخاص، بعيدًا عن الاصطفافات التقليدية والتسويات المشبوهة.
قبل فترة، كاد مخزومي أن يُكلف بتشكيل الحكومة، لكنه فضّل الانسحاب، في موقف أشبه بالارتفاع عن الشخصنة، معتبرًا أن الأولوية كانت لمعركة استرداد البلد، ولو تطلّب ذلك التضحية بالطموحات الشخصية. لم تكن معركته شخصية ضد نجيب ميقاتي، بل كانت تتجاوز ذلك إلى محاولة تغيير قواعد اللعبة السياسية، وإرساء نهج جديد في إدارة الدولة.
ما يميّز مخزومي أنه قريب من الناس، لكنه في الوقت ذاته بعيد عن النزعات الشعبوية. يدرك أوجاع اللبنانيين، لكنه لا يبيعهم أوهامًا. رجلٌ عمليّ بامتياز، يدرك أن الأولوية اليوم هي لجم الفساد، إعادة هيكلة المؤسسات، واستعادة ودائع اللبنانيين التي ضاعت في متاهات السياسات النقدية والفساد المالي. هذه مفارقة كبيرة أن يكون هم رجل الأعمال المقتدر، التركيز بخلاف كثيرين،على استعادة ما سرق من جيوب اللبنانيين، لم يكن مخزومي ليخضع لأي ابتزاز سياسي، نظرًا لنظافة ملفه وخلوّه من نقاط الضعف التي يمكن أن تُستخدم ضده.
لو كُلّف مخزومي، لكان قدّم تشكيلةً متوازنة، بعيدة عن نفوذ القوى التقليدية التي عطّلت مسار الحكومات السابقة. لم يكن ليواجه نفس التعقيدات التي واجهها نواف سلام، ليس لأن الأخير أقل كفاءة، بل لأن لكل شخص أسلوبه وأدواته وطريقته في التعامل مع التعقيدات اللبنانية.
السراي بحاجة لرجل قرار
في هذه المرحلة تحديدًا، يحتاج لبنان إلى رجال دولة حقيقيين، قادرين منذ اللحظة الأولى على إدارة فريق عمل اقتصادي إصلاحي، واتخاذ القرارات السيادية التي تحمي لبنان من الانهيار. لا شك أن التجربة كانت ستكون مختلفة لو كُلّف فؤاد مخزومي، وربما كان بإمكانه أن يُحدث فارقًا في مرحلة صعبة. لكن ما هو ثابت، أن لبنان بحاجة إلى نهج جديد، يضع المصالح العامة فوق الحسابات الضيقة، ويعيد للناس الثقة بدولتهم التي كادت تضيع.
المصدر : Transparency News