بعد سنوات من التوترات السياسية والاقتصادية بين لبنان ودول الخليج، تلوح في الأفق فرصة جديدة لإعادة بناء العلاقات وتفعيل التعاون المشترك. الزيارة المرتقبة للرئيس اللبناني إلى السعودية تفتح باباً جديداً أمام استعادة الثقة بين البلدين وتعزيز الاستثمارات في لبنان، إلا أن هذه الفرصة تتطلب إصلاحات جذرية لمواجهة التحديات الداخلية وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي.


في السنوات الأخيرة، تدهورت العلاقات بين لبنان ودول الخليج بسبب فشل الحكومات اللبنانية المتعاقبة في تنفيذ الإصلاحات الضرورية وفرض سلطة الدولة، بالإضافة إلى استخدام لبنان كأداة لمصالح أطراف داخلية وخارجية. هذا التوتر أسفر عن فرض حظر على سفر رعايا المملكة العربية السعودية والإمارات إلى لبنان، وكذلك منع تصدير المنتجات اللبنانية إلى أسواق المملكة، مما ألحق أضراراً كبيرة بالقطاعين السياحي والصناعي في البلاد.

ومع تطورات الأوضاع في سوريا وزيادة الفرص الاستثمارية الخليجية في أسواقها، يواجه لبنان تحديات أكبر في جذب الاستثمارات الخليجية. كما أن عدم القدرة على تنفيذ الإصلاحات الداخلية، فضلاً عن تأخر تشكيل الحكومة بسبب العراقيل الداخلية، يعوق الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يعد أساسياً لجذب الاستثمارات وتحقيق التوازن المطلوب بين الاستثمار والنمو.

في هذا السياق، تعد الزيارة المرتقبة للرئيس ميشال عون إلى السعودية خطوة حاسمة نحو استعادة الثقة بين لبنان ودول الخليج. وحسب رئيس هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية الخليجية، إيلي رزق، سيتم توقيع 22 اتفاقية في مجالات اقتصادية وثقافية وأمنية، مما يعزز فرص عودة السياح السعوديين إلى لبنان واستئناف الحركة التجارية. إلا أن نجاح هذه الزيارة يعتمد على قدرة لبنان على تطبيق القرارات الدولية وتعزيز سلطة الدولة، بما في ذلك فرض السيطرة على المعابر غير الشرعية ومنع وجود السلاح خارج إطار الدولة.

إن المرحلة المقبلة تحمل فرصاً كبيرة للبنان، ولكنها تستدعي تنفيذ إصلاحات جذرية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. بتطبيق الاستقرار السياسي والإصلاحات الاقتصادية، سيتسنى للبنان أن يعيد مكانته كوجهة استثمارية وسياحية بارزة في المنطقة، ويعزز علاقاته الاستراتيجية مع دول الخليج.


المصدر : وكالات