الحدود اللبنانية-السورية: تفكيك إرث التهريب والفوضى
منذ 2 ساعة
توتر متزايد واشتباكات عنيفة
تشهد المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا تطورات ميدانية متسارعة، في ظل محاولات إعادة رسم موازين القوى الإقليمية والدولية. فقد تزايدت الاشتباكات العنيفة والمواجهات بين قوات سورية وعشائر لبنانية، إضافة إلى مجموعات مرتبطة بحزب الله، ما أسهم في تأجيج الخلافات القديمة بشأن قضايا التهريب والسيطرة الأمنية.
تتركز هذه التحولات في منطقة البقاع الشمالي، التي تُعرف تاريخياً بارتباطها الوثيق بسوريا أكثر من ارتباطها بباقي المناطق اللبنانية. ويبدو أن هناك مساعي لترسيخ واقع جيوسياسي جديد، يُعيد رسم حدود النفوذ في المنطقة، وسط قلق متزايد من تداعيات ذلك على الاستقرار الداخلي.
تاريخ طويل من التداخل الاجتماعي والاقتصادي
التداخل السكاني والاقتصادي بين بعلبك–الهرمل والأراضي السورية ليس جديدًا، بل يمتد إلى ما قبل استقلال الدولتين، حيث شكلت أسواق دمشق وحمص والقلمون مركزاً تجارياً حيوياً لسكان المنطقة. ورغم انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005، استمرت الروابط العائلية والتجارية، لكنها تأثرت مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011.
ومع تصاعد النزاع في سوريا، زادت المخاوف من انعكاساته على الداخل اللبناني، خصوصاً مع تنامي دور حزب الله في المعارك السورية. وأدى ذلك إلى تغييرات في موازين القوى على الحدود، حيث بات الحزب يُحكم قبضته على معابر التهريب، ما عزز من دوره العسكري والاقتصادي في المنطقة.
تحرك رسمي لبناني وسط تصاعد الاشتباكات
شهدت الأيام الماضية قصفاً متبادلاً على الحدود، ما دفع الجيش اللبناني إلى تعزيز انتشاره في مناطق القاع والهرمل. وبحسب مصادر عسكرية، فقد صدرت أوامر للقوات اللبنانية بالرد الفوري على أي اعتداء قادم من الأراضي السورية.
وجرت محاولات تهدئة بين القيادتين اللبنانية والسورية، إلا أن الاشتباكات استمرت، مدفوعة بحوادث خطف متبادلة بين مجموعات مسلحة. وتبرز تساؤلات حول قدرة الدولة اللبنانية على ضبط الحدود في ظل النفوذ المتزايد للعشائر والمجموعات المسلحة.
تناقض في الروايات حول أسباب التصعيد
فيما تصرّ السلطات السورية على أن عملياتها تهدف إلى القضاء على عصابات تهريب السلاح والمخدرات، تتهم عشائر لبنانية القوات السورية بالتعدي على ممتلكاتها وطرد سكانها من قراهم. ويتحدث مسؤولون سوريون عن استهداف معاقل لتهريب الكبتاغون والسلاح، بينما تؤكد مصادر لبنانية أن القصف السوري تجاوز أهدافه المعلنة، ما زاد من التوتر بين الجانبين.
أسئلة مفتوحة حول مستقبل المنطقة
مع استمرار التصعيد، تظل التساؤلات قائمة حول قدرة لبنان على فرض سيادة فعلية على حدوده، وما إذا كانت التوترات الراهنة ستؤدي إلى إعادة ترسيم النفوذ في المنطقة. في ظل هذه الأوضاع، يبقى مستقبل العلاقات اللبنانية–السورية مرهونًا بتوازنات إقليمية معقدة، فيما يترقب المراقبون تطورات قد تعيد رسم الخريطة الجيوسياسية على المدى القريب.
المصدر : وكالات