نزع السلاح... مطلبٌ بحجم الدولة
03-04-2025 03:41 PM GMT+03:00
على اللبنانيين الوقوف أمام معادلةٍ واضحةٍ: نزعُ السلاح غير الشرعي هو السبيل إلى دولةٍ آمنة، أمّا إبقاء السلاح يعرّض سيادة الدولة لإنتهاكاتٍ متكرّرةٍ يقوم بها أي طرف خارجي. ولأن المعادلة بهذا الوضوح، فإن أي إهمالٍ أو ضعفٍ في ترجمتها على أرض الواقع، يعني أن الشعب اللبناني ما زال معرّض للمخاطر، كما لو أن الحرب لم تنتهِ بعد.
من جانبٍ آخرٍ، يقوم حزب الله بتحريف المعادلة بشكل عكسيّ، يبقى مصرّاً على التمسّك بمعادلته "الخشبية"، بأنّ إبقاء السلاح واجبٌ ضروري. إنّها النغمة القديمة – الجديدة التي سمعها اللبنانيون لمدى عقودٍ من الزمن، فالسلاح الذي يبرّر وجودهم لم يكن إلّا مغنطيساً جاذباً للدمار والموت. وحديثهم اليوم عن إبقاء السلاح ضمن استراتيجية دفاعية أو أي بدعة مماثلة، ليس إلّا كلاماً باطلاً يرفضه الرأي العام اللبناني برمّته، خاصة أن كل مواطن لبناني دون النظر إلى انتمائه أو موقفه السياسي، كان شاهداً على ما تسبّب له هذا السلاح.
وهم الذين ما اعتادوا على الإلتفاف حول الدولة والإنكفاء تحت سلطاتها وقراراتها الرسمية، يحاولون تحميل الدولة اللبنانية مسؤولية الضربات العنيفة التي يشنّها الجانب الإسرائيلي حتّى بعد إتفاق وقف إطلاق النار، كما لو كانت مبرّرة بالدرجة الاولى مظاهر نقل السلاح ومحاولة تموضع عناصر غير منضبطة، وحتّى لو لم تكن تابعة لحزب الله، إنّما تدور في فلكه وترتبط به بشكلٍ أو بآخر. قد لا يدركون مخاطر هذه التحركات على الشعب اللبناني وعلى الأوضاع الداخلية بشكل عام، خاصة أن مضمون الإتفاق الأخير الذي وافقت عليه الحكومة السابقة كان صارماً بشأن أي تحرّكات من هذا النوع.
والوضعية الأخيرة التي ثبُتت في الداخل اللبناني هي أعلى وأسمى من أي لاعبٍ سياسي يحاول الإنقضاض عليها، فأصبح كل طرفٍ يملأ محلّاً من الإعراب ويخوّل له التصّرف بحسب وضعه السياسي. طبعاً تبدّل الأدوار وفقدان الهيمنة التي فرضها حزب الله في الحقبة الماضية داخليّاً وخارجيّاً، لن تساعده على ترسيخ موقفه بشأن السلاح. فكان مخرجه اليوم أن ينشر الإتهامات والشائعات العشوائية كوسيلةٍ لحرف الأنظار عن مسألة السلاح، لكن هذه المرّة لا شيء سيردع مسألة نزع السلاح خاصّة أنها أصبحت مطلب لبناني وطني ممتدّ على مساحة الدولة.
(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )
المصدر : Transparency News