يوسف يونس 


في مشهد سياسي مألوف في لبنان، تخرج الوجوه السابقة من كواليس السلطة للدفاع عن إرثها، لكن اللافت هذه المرة أن من تتولى هذه المهمة هي الوزيرة السابقة للطاقة ندى البستاني، التي كانت عمليًا  "الوزيرة المستترة" لحقيبة تعاقب على فشلها التيار البرتقالي لسنوات عديدة. 

مصادر رقابية تساءلت بجدية: لماذا تتولى ندى البستاني حصريًا الردّ على وزير الطاقة الحالي جو الصدي؟ لماذا لا يظهر أي من الوزراء السابقين الذين تناوبوا على حقيبة الطاقة خلال سنوات هيمنة "التيار الوطني الحر" ليتولّى الدفاع أو التبرير؟ الإجابة لا تحتاج إلى عناء: البستاني لا ترد فقط باسم نفسها، بل باسم مرحلة كاملة تولّى فيها التيار الوطني الحر وزارة الطاقة، من جبران باسيل إلى سيزار أبي خليل وريمون غجر وصولًا الى وليد فياض بالإضافة الى البستاني نفسها. إنها تدافع عن مشروع سياسي فاشل بنظر الجميع قبل أن تكون تدافع عن أداء إداري.

المفارقة الصارخة، أن الوزير الحالي، جو الصدي، يحاول تصحيح المسار، وتحقيق ما عجز عنه أسلافه، مثل تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء بعد 23 عامًا من التأخير. فهل المطلوب "الردّ" على ما يقوم به لأنه بدأ بكسر الحلقة؟ أم إسكاته كي لا يُحرج من سبقوه؟

في الحقيقة، ردود البستاني المتكررة على الوزير الحالي تُظهر تمسكًا واضحًا بتبيض مرحلة  التيار الوطني الحر بحقبة الطاقة والدفاع عن كل قرار، التبرير لكل فشل، وتغطية كل هدر، تحت عنوان "نحن وحدنا نعرف كيف تُدار الطاقة في لبنان".

لكن البلاد تغيّرت، والناس أيضًا. والمفارقة أن الذين دافعوا لسنوات عن احتكار وزارة الطاقة باسم  "الخطط الإصلاحية المؤجلة" لا يملكون اليوم سوى منصة خطابية واحدة: ندى البستاني. إنها تتكلم، وتهاجم، وترد، وتنتقد، كأنها لا تزال وزيرة فعلية، بينما الحقيقة أنها ببساطة الوجه العلني لتيار ما زال يرفض أن يعترف بفشل سياساته، ويحاول التمسّك بالظل بعدما فقد الموقع.