خاص- شيخ نعيم... ما شفت مين مات؟
23-04-2025 05:02 PM GMT+03:00
لم ينتهِ حزب الله كما يعتقد البعض، ولم تلفظه بيئته الحاضنة كما يحلو للبعض تصوير الواقع. لا يزال يعبّر عن أغلبية ساحقة من الطائفة الشيعية، وهو بنظرهم المقاوم والممانع الذي دفع الثمين والنفيس من أجل بقائهم في أرضهم والحفاظ على دورهم الإقليمي كشيعة وامتداد لولاية الفقيه في إيران. وكيف بالحريّ إذا استُشهد من أجل قضيتهم الأمين العام السابق السيّد حسن نصرالله؟ فهو، بنظرهم، لا يزال الخيار الأول، ويثقون به ثقة عمياء إلى حدٍّ كبير وبنسبة مرتفعة، ولو تراجعت قليلاً. فهي ليست الطائفة الأولى في لبنان التي تدفع ثمن خيارات أحزابها دماءً وشهداء، وتبقى متمسّكةً بهذه الخيارات والقناعات. لقد أثبتت التجارب التاريخية اللبنانية، الحديثة والقديمة، أن الحروب لم تدفع أيّ مكوّن إلى التراجع عن معتقداته وإيديولوجيته ما دام مقتنعاً بها، إنما يمكنها أن تضعف دوره السياسي والاقتصادي ونفوذه، وتخلق حالة من الإحباط واليأس داخل جمهوره نفسه.
في المقابل، كانت الحرب اللبنانية الأخيرة كفيلة بأن تكون درسًا كافيًا للعديد من قيادات الأحزاب لأخذ العِبر، وقراءة التغيّرات الدولية والإقليمية، ومعرفة أن مهما تعاظم دور أي حزب في لبنان، يبقى تفصيلاً دوليًّا وترتيبًا يتطلّب رقمًا واحدًا من سلسلة قرارات دولية ستُنفّذ عاجلاً أم آجلاً، مهما طال الزمن.
يستمر حزب الله بالتكابر على جراحه، كما تستمر قيادته في إنكار الواقع. ويستمر أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، في سياسته العمياء برفض تسليم سلاح الحزب، بعد تولّيه القيادة في مرحلة صعبة ومصيرية لم يخترها. فهو عالق بين تَسلّمه إرثاً شيعيًا تاريخيًا دام لعقود وفرض هيمنته على الداخل اللبناني، ومحاولة إنعاش هذا الدور بمقاومة لا طاقة له عليها، أو أن يكون شاهدًا على اضمحلاله أثناء فترة مسؤوليته، فيرتبط اسم قاسم بمرحلة الانتكاسة الشيعية وإنهاء دور حزب الله في لبنان والمنطقة. لا يُحسَد قاسم على موقعه، فهو عالق "ببوز القنّينة"، ويسير مع الموجة الشيعية وأهواء ومراهقات بقايا قيادة نصرالله، الذين يمتلكون نفوذًا أكبر منه في تحريك الشارع الشيعي وإثارة غرائزه واللعب على عواطفه، فيبدو وكأنه أضعف من أن يتّخذ قرارًا أو يرفض آخر.
لم تتنبّه بعد قيادة الحزب، بكل أقطابها، إلى التغيّرات الجذرية، بدءًا من سوريا وإيران واليمن، مرورًا بالإقليم، ووصولاً إلى الحرب التجارية الدائرة بين الولايات المتحدة والصين. فلا مجال للمراوغة، ولا وقت للمغامرات أو المراهنات على الزمن، إذ إن ما يحصل اليوم يتعدّى لبنان والداخل، بل هو تغيير على صعيد العالم. وإيران لن تحمي رأسه في مفاوضاتها مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل تحاول لملمة ما يمكن لملمته لنفسها.
ومن الواضح أن إسرائيل لن تتوانى عن التفريط بما حققته في اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وتستمر في توجيه ضرباتها لحزب الله.
فحتى في الداخل، لم تعد الموازين لصالحه، وحتى حلفاؤه تساقطوا كأوراق الخريف مع سقوطه. كما يبدو من الجليّ أن رئيسَي الجمهورية جوزيف عون، والحكومة نواف سلام، ماضيان قدمًا في تطبيق القرارات الدولية 1701 و1559، ونزع سلاح الميليشيات، وبسط سيطرة الدولة على كامل أراضيها.
يستمر حزب الله بأنانيّته، فيرى دور الشيعة محصورًا بدوره، فيغامر بهم ويقامر ويراهن حتى الرمق الأخير، غير مقتنع بلعب دور سياسي متواضع كباقي الأحزاب، ليتحوّل سلاحه إلى كارثة على الشيعة، وينهي دورهم بالكامل.
لقد أصبح من الواضح أن حزب الله هو أوّل المتآمرين على الشيعة في لبنان، ويستخدمهم دروعًا في مواجهة إسرائيل.
فهل يعرّضهم لموجة حرب إسرائيلية ثانية، أم يضعهم في مواجهة مع الدولة والجيش اللبناني؟