في ظل التحولات السياسية والعسكرية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، عادت تهديدات تنظيم "داعش" الإرهابي إلى الواجهة، متوعداً الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وبينما تحاول دمشق ترسيخ الأمن، تتسارع محاولات التنظيم لاستغلال الفراغ الأمني وإعادة تنظيم صفوفه في البادية السورية.


في تطور مقلق، أصدر تنظيم "داعش" الإرهابي بياناً مصوراً هدد فيه الرئيس السوري أحمد الشرع، محذراً من عواقب الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. وجاء هذا التهديد بعد ورود تقارير عن ضغوط أميركية على الحكومة السورية الجديدة للانخراط في جهود التحالف.

بيان التنظيم أثار تساؤلات عن قدرته على تنفيذ تهديداته في ظل التغيرات الكبيرة التي طرأت بعد انهيار نظام بشار الأسد. وفيما تسعى حكومة الشرع لترسيخ الأمن والاستقرار، يحاول "داعش" استغلال الفوضى لإعادة تفعيل خلاياه، لا سيما في البادية السورية.

وخلال خطابه، استخدم "داعش" لهجة تصعيدية مباشرة غير معهودة تجاه رئيس دولة، موجهاً إنذاراً صريحاً: "إما الانضمام إلى صفوفنا أو الاستعداد للحرب"، في تعبير واضح عن مأزق التنظيم أمام المتغيرات الإقليمية.

فراغ أمني ونشاط إرهابي متجدد

بعد فرار الأسد إلى موسكو في كانون الأول 2024، أعاد "داعش" تحريك خلاياه مستفيداً من انشغال القوى الأمنية بملاحقة فلول النظام والميليشيات الإيرانية. ووفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، نفذ التنظيم 61 عملية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أوقعت 23 قتيلاً من مدنيين وعناصر "قسد".

ورغم ذلك، واجه "داعش" ضربات استباقية قوية، إذ شنت القيادة المركزية الأميركية أكثر من 75 غارة استهدفت معسكرات ومخازن أسلحة، بينما أحبطت الحكومة السورية محاولات تفجير خطيرة، أبرزها استهداف مقام السيدة زينب بدمشق.

ضربات نوعية وتنسيق غير مسبوق

مصدر مطّلع كشف لصحيفة "نداء الوطن" أن الحكومة السورية الجديدة فتحت قنوات تواصل مباشرة مع التحالف الدولي، مما أسفر عن توقيف القيادي البارز "أبو الحارث العراقي" في شباط 2025. ويُعد المعتقل من أخطر العقول المدبرة للهجمات الإرهابية.

كما نجحت القوى الأمنية في تفكيك خلية إرهابية كانت تخطط لتفجير مقام السيدة زينب، حيث عثرت على وثائق رسمية ومبالغ مالية مع عناصر الخلية.

تفاهمات إقليمية لمكافحة الإرهاب

في خطوة سياسية وعسكرية هامة، توسطت واشنطن لاتفاق بين الجنرال مظلوم عبدي (قائد قسد) والرئيس الشرع، نُعلن عنه في 10 آذار 2025، بهدف دمج "قسد" في مؤسسات الدولة السورية، منعاً لأي فراغ قد تستغله الجماعات المتطرفة.

كما أُطلقت آلية تعاون رباعية بين سوريا والعراق والأردن وتركيا لضبط الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية، في ظل الانسحاب الأميركي التدريجي.

مخاطر الفراغ الأمني

يحذر المراقبون من أن الانسحاب الأميركي قد يترك فجوات أمنية وعسكرية خطرة. ومع تصاعد تهديدات "داعش"، تبرز الحاجة الملحة لتعزيز التعاون الأمني بين سوريا ولبنان، لضمان عدم تمدد الخلايا الإرهابية وحماية الاستقرار الإقليمي.


المصدر : وكالات