في ظل تصاعد التوترات الميدانية والسياسية على الساحة اللبنانية والإقليمية، شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من التطورات الدراماتيكية التي تعكس تعقيد الأوضاع وتشابك المصالح. من تصاعد المواجهات في الجنوب اللبناني إلى التدخلات الإقليمية والدولية، يبدو أن المنطقة تقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب تكاتف الجهود والبحث عن حلول مستدامة للأزمات الراهنة. في هذا السياق، تأتي مبادرات التهدئة والتحركات الدبلوماسية لتلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار الأحداث المقبلة.


تصاعدت المواجهات على الجبهة الجنوبية بشكل ملحوظ منذ إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن يوم الجمعة الماضي عن مبادرة للتهدئة تشمل حرب غزة والجبهة الجنوبية معاً. وشهدت مناطق الجنوب، التي كانت بعيدة نسبياً عن الحدود، توسعاً غير مسبوق في هذه المواجهات، ما أسفر عن سقوط ضحايا وتدمير ممتلكات. وفي المقابل، شنّ «حزب الله» سلسلة عمليات في مناطق عدة بالشمال الإسرائيلي والجولان المحتل، تزامنت مع اندلاع حرائق زادتها موجة الحر الراهنة. 

وأظهر استطلاع لهيئة البث الإسرائيلية أن 55% من الإسرائيليين يؤيدون توسيع المواجهة مع «حزب الله» بعد إبرام صفقة التبادل مع «حماس». هذا التطور الميداني تزامن مع وصول القائم بأعمال الخارجية الإيرانية علي باقري كني إلى بيروت، في أول تحرك خارجي له بعد مقتل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان. ويشمل برنامج باقري لقاءات مع المسؤولين وقادة محور الممانعة، وفي مقدمتهم «حزب الله».

وكان باقري قد أعلن في وقت سابق أن جولته الإقليمية إلى سوريا ولبنان تأتي في إطار التشاور من أجل «تضافر جدي في مواجهة فعالة لمحاربة جرائم الصهاينة»، حسبما أفادت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء.

وفي هذا السياق، أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات عسكرية في القيادة الشمالية، استعداداً لاحتمال توسع الحرب في الساحة الشمالية، وفقاً للقناة 13 العبرية. وأوضحت القناة أن التدريبات شهدت مشاركة ضباط نظاميين واحتياطيين من مختلف الأسلحة والأجنحة، حيث تم التدريب على سيناريوهات تشمل توسع الحرب إلى ساحات متعددة. وأشارت إلى زيارة رئيس الأركان اللواء هارتسي هاليفي لقيادة الشمال كجزء من هذه التدريبات.

وفي التطورات السياسية، بدأ وفد من حزب «القوات اللبنانية» زيارة إلى قطر تستمر حتى الخميس المقبل، ممثلين رئيس الحزب سمير جعجع، ويضم الوفد النائبين بيار أبو عاصي وملحم الرياشي وجوزيف جبيلي عضو الهيئة التنفيذية. وقالت مصادر المعارضة لـ«نداء الوطن» إن قطر تسعى إلى إخراج لبنان من مرحلة الشغور الرئاسي، بالتوازي مع الجهود الفرنسية ضمن اللجنة الخماسية.

وفي سياق متصل، يبدأ غداً رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط، على رأس وفد، جولة اتصالات تهدف إلى طرح مبادرة لمقاربة الأزمات الداخلية، وستكون المحطة الأولى عند «حزب الله». وأوضحت أوساط «اللقاء» أن المبادرة تتناول «فصل الرئاسة عن غزة والجنوب، والالتزام باتفاق الطائف والقواعد الدستورية، والتسليم بواقع التوازنات في المجلس النيابي».

تجدر الإشارة إلى أن هذه التحركات تأتي في وقت حساس، حيث تسعى الأطراف المعنية إلى إيجاد حلول للأزمات المتعددة التي تواجه لبنان والمنطقة، في ظل تصاعد التوترات الميدانية والسياسية.


المصدر : وكالات