وسط تصاعد التوترات على الجبهة اللبنانية، شهدت قرى الجنوب والبقاع ليلًا مضطربًا تحت وابل من الغارات الجوية الإسرائيلية، التي أسفرت عن سقوط قتيل من "حزب الله" وعدد من الجرحى المدنيين. تأتي هذه الضربات في وقت حساس، حيث تتزايد التكهنات بشأن احتمال الوصول إلى هدنة على الجبهة اللبنانية، وسط مفاوضات مكثفة تجري في القاهرة. ومع استعداد "حزب الله" للرد على اغتيال أحد قادته، يزداد القلق من تداعيات هذا التصعيد على المنطقة بأسرها.


مرّ ليل الاثنين – الثلاثاء على القرى والبلدات في الجنوب والبقاع اللبناني تحت وطأة غارات جوية مكثفة نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية، مما أدى إلى مقتل أحد عناصر "حزب الله" وإصابة عدد من الأشخاص، بينهم مدنيون.

هذه الضربات بدت كجزء من مساعٍ إسرائيلية لاستغلال الوضع القائم، تحسباً لفرض هدنة محتملة على "الجبهة اللبنانية" يلتزم فيها كل من إسرائيل و"حزب الله" بوقف الأعمال الحربية، فيما تضطلع الدولة اللبنانية، من خلال قواتها العسكرية النظامية وقوات الطوارئ الدولية "اليونيفيل"، بتنفيذ الاتفاقات الدولية المتعلقة بالهدنة ووقف إطلاق النار وفقاً للقرار 1701.

وفي الوقت الذي تستعد فيه الأطراف لجولة أخيرة من المفاوضات في القاهرة، شككت مصادر مقربة من "حزب الله" في إمكانية تحقيق أي تقدم، مشيرة إلى رفض حركة حماس للخطة التي تصر فيها إسرائيل على شروطها. واعتبرت المصادر أن المفاوضات "ذاهبة إلى طريق مسدود".

وأكدت المصادر أن "حزب الله" بات مستعداً للرد على اغتيال القيادي العسكري فؤاد شكر، موضحة أن التأخير في الرد كان لإفساح المجال أمام الجهود الدبلوماسية، رغم القناعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى إلى عرقلة هذه الجهود. كما أشارت إلى أن "حزب الله" اختار تأخير الرد لتحقيق هدفين: الأول يتمثل في اختيار الهدف بدقة ليعكس حجم الخسائر التي تكبدها الحزب، والثاني يتمثل في اختيار الوقت المناسب لتجنب تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى حرب واسعة.

وعلى الرغم من احتمال التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة انتهاء التصعيد في لبنان. فقد تحدث مسؤول في "حزب الله" عن إمكانية استمرار الوضع الحالي على الجبهة اللبنانية لمدة سنة إضافية.

وفي هذا السياق، أفاد مصدر عسكري لبناني غير رسمي لـ"الأنباء" بأن اشتباكاً وقع بين مقاتلي "حزب الله" وجنود إسرائيليين حاولوا التسلل إلى منطقة حرش حدب عيتا صباح الاثنين. وقد شهد الاشتباك استخدام أسلحة رشاشة ثقيلة وخفيفة وقذائف صاروخية، فيما لم يتمكن الطيران الحربي الإسرائيلي من تقديم الدعم الجوي لقواته بسبب قرب المسافة بين الجانبين.

وفي حال تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فقد يفتح ذلك الباب أمام عودة الاهتمام بالملفات الداخلية اللبنانية العالقة، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي، الذي يُعد مفتاح الحل للأزمات المتفاقمة. من جهة أخرى، تشهد البلاد أزمة كهرباء خانقة أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل تقريباً، مع فرض أصحاب المولدات الخاصة تقنيناً شديداً بسبب الضغوط الهائلة على شبكات الكهرباء.

وفي جولة ميدانية لـ"الأنباء" في النبطية، تبين أن المدينة تواجه مشكلة جديدة تتعلق بالنازحين من قرى الجنوب، الذين استقروا في منازل فتحت لهم من قبل أهالي النبطية المقيمين في بيروت أو خارج البلاد. هذه الأزمة مرشحة للاستمرار حتى بعد توقف الحرب، نظراً لصعوبة عودة النازحين إلى قراهم المدمرة.

وفي الميدان، أصيب عامل سوري جراء قصف إسرائيلي على باب الثنية في الخيام، وتم نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي لتلقي العلاج. كما استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي بلدة عيتا الشعب. من جانبه، أعلن "حزب الله" عن استهدافه لمقرات قيادية للجيش الإسرائيلي بصليات من الصواريخ، فيما واصل قصفه لثكنات برانيت في الصباح.


المصدر : الانباء الكويتية