متى المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في لبنان.. وبأي شروط؟
15-03-2025 10:30 PM GMT+02:00
غرد الرئيس الفرنسي ليل الجمعة على منصة "أكس" ليعلن أنه سيستقبل الرئيس اللبناني جوزيف عون، يوم 28 مارس/آذار الجاري بحيث تكون باريس أول عاصمة غربية يزورها منذ انتخابه يوم 9 يناير/كانون الثاني الماضي. وسبق للرئيس اللبناني أن قام بزيارتين خارجيتين: الأولى الى المملكة السعودية والثانية الى مصر للمشاركة في القمة العربية الأخيرة المخصصة لغزة.
وجاء الإعلان عن الزيارة في إطار حديث إيمانويل ماكرون عن اتصال أجراه برئيس الوزراء اللبناني نواف سلام من اجل تهنئته على "العمل الذي يقوم به والحكومة لضمان وحدة لبنان وأمنه واستقراره". واستفاد ماكرون من المناسبة ليوجه رسالة الى السلطات اللبنانية، عبر سلام، مفادها الربط بين عملية إعادة الإعمار والحاجة الى الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع العربي والدولي ومؤسساته المالية منذ سنوات والتي لم تر النور حتى اليوم. وكتب ماكرون ما حرفيته:" "ناقشنا آفاق إعادة الإعمار والإصلاحات التي تتطلبها. هذا العمل ضروري للبنان وللمنطقة بأسرها. وختم ماكرون رسالته بالتأكيد على أن "التزام فرنسا تجاه لبنان لا يزال كاملا، من أجل تعافيه ومن أجل سيادته".
ما جاء في كلام ماكرون ليس جديدا لجهة تمسك باريس بأمن لبنان وسيادته. لكن اللافت ان تغريدة الرئيس الفرنسي لم تأت على موضوع الدعوة لمؤتمر دولي لمساندة لبنان والتي سبق للرئيس ماكرون ان تحدث عنها أكثر من مرة وخصوصا لدى الزيارة التي قام بها الى لبنان في 17 يناير/كانون الثاني أي بعد سبعة أيام فقط من انتخاب العماد عون لرئاسة الجمهورية. وكانت تلك الزيارة الثالثة من نوعها بعد الزيارتين اللتين قام بهما الى لبنان عقب تفجيري المرفأ صيف العام 2020. وعجلت باريس في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان أسفر عن وعود بمساعدات مختلفة تزيد على المليار دولار. بيد أن مصدرا مطلعا في باريس أفاد أن كل الوعود لم تنفذ والمساعدات التي وصلت الى لبنان كانت "محدودة".
دور باريس في تفكيك عقدة النقاط الخمس
تتابع باريس عن كثب "التحديات" التي يواجهها لبنان والتي ستتصدر محادثات الرئيسين ماكرون وعون وعلى رأسها استكمال الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الحدودية الخمس التي ما زال الجيش الإسرائيلي متمسك بها والتي لا يبدو أنه مستعد للتخلي عنها وهو ما تنبىء به تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان الجديد إيال زمير. ودأبت فرنسا التي حرصت على أن تكون، مع الولايات المتحدة، جزءا من الهيئة التي تشرف على تطبيق الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر/ تشرين الثاني لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله وتطبيق القرار 1701، على تجديد المطالبة بانسحاب إسرائيل من المواقع الخمسة والتشديد على التطبيق الكامل للإتفاق الذي ينص على انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية. بيد أن الصعوبة، وفق مصدر ديبلوماسي في العاصمة الفرنسية، أن "كلمة السر موجودة في واشنطن وليس في باريس" وبالتالي فإن الأنظار ستتجه الى ما سيجري في إطار المحادثات اللجان الثلاث، في حال تشكيلها وانطلاقها، التي أعلنت واشنطن عنها لتسوية ثلاثة ملفات: الأسرى، الانسحاب الإسرائيلي من المواقع الخمسة وتسوية النزاعات البرية التي تتناول 13 نقطة حدودية بين الطرفين. وبالطبع، كما يقول المصدر المشار إليه، فإن باريس "تعي المخاطر المترتبة على بقاء القوات الإسرائيلية" داخل الأراضي اللبنانية على الوضع الداخلي اللبناني وعلى آداء الحكومة وعلى ما يشكله ذلك "من حجة لحزب الله لرفض التخلي عن سلاحه".
ورغم أن باريس لا تتمتع بالكلمة الفصل، فإنها قادرة بنفسها ومن خلال الإستعانة بالرافعة الأوروبية على توفير عامل ضغط على الطرف الأميركي حتى لا يتبنى بالكامل المقاربة الإسرائيلية.وفي هذا السياق، سبق لباريس أن اقترحت حلا للنقاط الخمس يقوم على إحلال قوة دولية، بمن فيها عناصر فرنسية، عاملة تحت راية اليونيفيل في المواقع المعنية. لكن إسرائيل لم تقبل المقترح وحجتها أن القوة الدولية عجزت خلال السنوات الماضية على فرض تطبيق القرار 1701 الذي انتهكته إسرائيل، وفق وزير الخارجية السابق عبدلله بو حبيب آلاف المرات.
ثمة ملفات عديدة كثيرة ستكون على طاولة المحادثات يوم 28 مارس/آذار الجاري ليس أقلها أهمية الأوضاع في سوريا وما لها من انعكاسات على الداخل اللبناني وملف المهجرين وكيفية التعاطي معه بعد التغير الجذري الذي عرفته سوريا علما أن فرنسا، كغيرها من دول الإتحاد الأوروبي، كانت تنهج خطا متشددا إزاء إعادتهم الى بلادهم حيث تتمسك بالعودة الطوعية والكريمة والآمنة.
المؤتمر الدولي وشروطه
أما بالنسبة لتحديد موعد للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار في لبنان، فإنه مرتبط ، وفق مصادر واسعة الإطلاع، بمجموعة من العوامل تتناول بداية مستوى المؤتمر {وزراي، رئاسي...}وتاليا عدم اصطدامه باستحقاقات عربية ودولية أخرى علما أن لبنان ليس وحده في الميدان إذ أن الدول العربية والخليجية بشكل خاص معنية بإعادة الإعمار في غزة وفي سوريا وبالتالي فإن لبنان "في "حالة تنافس" مع الآخرين. وفي سياق متصل، ثمة استحقاقان أساسيان في المرحلة القادمة: أولهما، القمة العربية المقررة في شهر مايو/أيارالقادم وثانيها المؤتمر الدولي الذي ترعاه المملكة السعودية وفرنسا حول الملف الفلسطيني والذي سينعقد في نيويورك في شهر يونيو/حزيران القادم. كذلك يتعين أخذ الوضع الدولي بعين الإعتبار والملف الأوكراني بالدرجة الأولى حيث يكرس الرئيس الفرنسي من أجله الكثير من الوقت والجهود.
يبقى أن المقاربة الموضوعية تفترض أن تعطى الحكومة الجديدة الوقت الكافي لمباشرة الإصلاحات التي تريد تنفيذها والتي من شأنها "تشجيع" الأطراف المترددة على الإنخراط في مساعدة لبنان خصوصا تلك التي صدمتها الحكومات اللبنانية السابقة ومعها الطبقة السياسية بوعودها الكثيرة التي بقيت وعودا.