تحذيرات جعجع في ميزان اللحظة السياسية
28-04-2025 09:04 AM GMT+03:00
في لحظة حسّاسة يمرّ بها لبنان، أطلق رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع تحذيراً صارخاً يعكس حجم المخاطر التي لا تزال تحدق بالبلاد، رغم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة. ففي كلمة واضحة ومباشرة، لفت جعجع إلى أن "العالم يراقب لبنان عن كثب"، مشيراً إلى أن المجتمعين الدولي والعربي يترقبان أداء الدولة اللبنانية بقلق متزايد، ويربطان أي دعم مستقبليّ بمدى قدرة لبنان على ضبط حدوده، وتثبيت سيادته، وفرض سلطته الكاملة على أراضيه.
وسأل جعجع بلهجة تنبيهية: "كيف سيثق بنا المجتمع الدولي والمجتمع العربي إذا لم نضبط حدودنا ونثبّت سيادة الدولة؟"، محذراً من أن لبنان قد يقف أمام خطر حقيقي يتمثل بتخلي العالم عنه خلال أشهر قليلة، في حال استمرت الدولة في العجز عن إثبات فاعليتها.
ورغم الخطوات السياسية الإيجابية، من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، أصرّ جعجع على التحذير من أن "لبنان لم يتوغل بعد في برّ الأمان الكامل"، مؤكداً أن الأوضاع لا تزال محفوفة بالمخاطر، وأن البلاد تحتاج إلى إصلاحات جذرية حقيقية لا مجرد حلول تجميلية. كما شدد على أولوية "حصرية السلاح بيد الدولة"، معتبراً أن بقاء السلاح المتفلت خارج الشرعية هو العائق الأكبر أمام بناء دولة فاعلة ومجتمع مزدهر.
تحذيرات جعجع ليست غريبة عن مسار القوات اللبنانية، الحزب الذي اعتاد، في كل مفترق مصيري، أن يرفع الصوت عالياً في مواجهة منطق المساومات والتأجيل، وينبه من مغبّة إضاعة الفرص. مرجع سياسي بارز أكّد أن التاريخ القريب يثبت أن العديد من التنبيهات التي أطلقها "الحكيم" وقعت في محلها، وتحديداً لجهة توسيع رقعة الحرب التي اندلعت أواخر العام ٢٠٢٣ خاصة بعد أن قرر حزب الله دخولها لإسناد غزة. لم يتأخر جعجع في إطلاق النصائح في العلن وحث الجميع آنذاك على الالتزام بالقرار الدولي ١٧٠١ ونظّمت "القوات" آنذاك مؤتمرين في معراب بهذا الخصوص وبالتعاون مع حلفائها.
اليوم، يعود السؤال الملحّ:
هل تتجرأ القوى السياسية الفاعلة على السير على وقع تنبيهات "القوات اللبنانية" والعمل سريعاً لإصلاح الداخل قبل أن يحكم الخارج حكمه القاسي؟ أم أن لبنان، كعادته، سيفرّط مجدداً بفرصة إنقاذ نادرة، تاركاً البلاد تتخبط في مزيد من العزلة والانهيار بعد انتظار دام أكثر من عشرين عاماً؟
الكرة باتت في ملعب الشرعيّة، والمطلوب لم يعد يقتصر على أقوال ونوايا طيبة، بل يتطلب أفعالاً حاسمة تنقل لبنان إلى دولة قادرة على فرض سيادتها، واستعادة موقعها بين الدول. فالمهلة الدولية قد تنفد، والفرصة قد تضيع.
المصدر : Transparency News