أعلن عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي الجديد، أن البلاد ستُعاد ربطها بالكامل بشبكة الدفع العالمية "سويفت" خلال الأسابيع المقبلة، في خطوة وُصفت بأنها أول إنجاز كبير ضمن خطة شاملة لإعادة هيكلة الاقتصاد السوري، بعد أكثر من عقد من العزلة الدولية والعقوبات.


وقال حصرية، في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز من دمشق، إن عودة سوريا إلى نظام "سويفت" تمثل نقطة تحول في المساعي الحكومية لجذب التجارة والاستثمار الأجنبي، لا سيما عقب الرفع المفاجئ للعقوبات الأميركية الشهر الماضي.

وأوضح الحصرية أن البنك المركزي، بالتعاون مع وزارة المالية، يعمل على تنفيذ "خطة استقرار" تمتد بين ستة واثني عشر شهراً، تشمل إصلاحات في القوانين المصرفية، وتحديث النظام المالي، وإعادة رسملة القطاع المصرفي، بالإضافة إلى استحداث أدوات جديدة مثل الصكوك الإسلامية لأول مرة في البلاد.

وأكد أن ربط البنوك السورية بشبكة "سويفت" سيُعيد فتح الأبواب أمام التحويلات الخارجية، ويُسهل عمليات الاستيراد والتصدير، كما يعزز الشفافية ومكافحة غسل الأموال، ويحد من الاعتماد على شبكات الصرافة غير الرسمية التي تُشكل عبئاً مالياً كبيراً على التجار والمستوردين.

تحوّل في السياسة النقدية

وأشار الحصرية إلى أن البنك المركزي يعتزم التحول نحو نظام تعويم مُدار لليرة السورية، في إطار محاولة لتوحيد أسعار الصرف بين السوق الرسمية والسوق السوداء، بعدما فقدت الليرة نحو 90% من قيمتها خلال سنوات الحرب. ولفت إلى أن الهدف هو تعزيز الثقة في العملة المحلية وتحقيق استقرار نقدي حقيقي.

دعم إقليمي ودولي

وفي سياق متصل، كشفت الصحيفة أن السعودية وقطر قامتا مؤخراً بتسوية ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي، والبالغة 15.5 مليون دولار، كما التزمتا بدفع رواتب القطاع العام السوري لثلاثة أشهر، في دعم مباشر للمالية العامة. وترافقت هذه الخطوات مع توقيع اتفاقيات أولية مع شركات إماراتية وسعودية وقطرية في قطاعات البنية التحتية والطاقة.

كما تسعى دمشق إلى استئناف علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية، بعد أن أجرى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي زيارات ميدانية تمهيداً لمناقشة سبل الدعم والمساعدة.

القطاع المصرفي في قلب الإصلاح

وأكد حصرية أن النظام المصرفي، الذي انهار بشكل واسع بسبب الحرب والأزمة المالية في لبنان، سيكون محورياً في جهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن سياسة البنك المركزي الحالية تركز على إلغاء القيود التنظيمية المفرطة، واستعادة قدرات الإقراض، وضمان ودائع البنوك الخاصة.

وقال: "نسعى لإعادة القطاع المصرفي إلى دوره الطبيعي كوسيط مالي فعال بين الأسر والشركات، وتجاوز مرحلة التدخل الصارم الذي ميز السياسة المالية في السنوات السابقة".


المصدر : وكالات