يشهد قطاع الإعلان تحوّلاً جذرياً بفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يثير قلق المستثمرين ويُحدث زلزالاً في بنيته الإبداعية والتنظيمية. قادة كبرى وكالات الإعلان حذّروا من تداعيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مشيرين إلى أنه يعيد رسم مشهد الصناعة بالكامل.


أثار تصاعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلان موجة قلق لدى المستثمرين، في وقت يشهد فيه المجال تحولًا دراماتيكيًا في بنيته وأساليبه. وقال مارك ريد، الرئيس التنفيذي المُغادر لمجموعة WPP البريطانية، إنّ "الذكاء الاصطناعي يُحدث تغييرات جذرية في قطاعنا، ويثير قلق المستثمرين عبر مختلف الصناعات".

وأضاف ريد أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي تتيح إنتاج محتوى بصري ونصي مبتكر بسرعة غير مسبوقة، باتت تهدد نماذج العمل التقليدية في الإعلان. من أبرز هذه الأدوات: DALL-E من "OpenAI"، وVeo من "غوغل"، وMidjourney، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن بي سي" في تقرير اطّلعت عليه "العربية Business".

وأوضح ريد أن الذكاء الاصطناعي سيُتيح الوصول إلى خبرات عالية الجودة بتكلفة زهيدة، مشيرًا إلى أن "أفضل المحامين، والأطباء، والمصممين، والمحاسبين، قد يكونون ذكاءً اصطناعيًا في المستقبل".

وكشف أن نحو 50 ألف موظف في "WPP" يستخدمون حالياً منصة "WPP Open"، وهي أداة تسويقية داخلية مدعومة بالذكاء الاصطناعي. ولفت إلى أن الضغط المتزايد على الجوانب الإبداعية سيدفع إلى توحيد الصناعة، داعياً الشركات إلى إعادة التفكير في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في كل مراحل العملية الإعلانية، من التخطيط إلى تحسين الحملات.

تقرير صادر عن "فورستر" في يونيو الماضي، أشار إلى أن أكثر من 60% من وكالات الإعلان الأميركية تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي، فيما تستكشف 31% أخرى استخدامات جديدة له.

من جانبه، قال موريس ليفي، الرئيس التنفيذي لشركة Publicis Groupe الفرنسية، إن القطاع يمر بتحول هائل مدفوع بالذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أن أدوات توليد الصور والفيديو تسرّع الإنتاج، وتُمكن المراسلة الآلية من تحقيق تخصيص غير مسبوق.

لكنه شدد على أن الذكاء الاصطناعي "مجرد أداة لتحسين حياة الناس"، معترفًا بإمكانية استبداله بعض الوظائف، لكنه رجّح أن تؤدي التحولات إلى خلق فرص عمل جديدة، شبيهة بتلك التي صاحبت ابتكارات مثل الإنترنت والهواتف الذكية.

وأشارت نيكول دينمان غرين، المحللة في "غارتنر"، إلى أن العلامات التجارية يجب أن تنتبه إلى مخاوف المستهلكين من فقدان اللمسة البشرية. ووفقًا لاستطلاع أجرته "غارتنر" في سبتمبر، فإن 82% من المستهلكين يفضّلون الحفاظ على الوظائف البشرية حتى لو أثّر ذلك على الأرباح.

وقالت غرين: "يجب أن يتحول التركيز من قدرات الذكاء الاصطناعي إلى ما ينبغي أن يفعله فعلاً"، مضيفةً أنه يجب أن يُستخدم في خلق رؤى مبتكرة، وتنفيذ حملات إبداعية للوصول إلى جماهير متخصصة، وتقديم تجارب أكثر تخصيصاً وارتباطاً بالعلامة التجارية.