الذهب يعود إلى الواجهة: البنوك المركزية تضاعف مشترياتها
19-06-2025 03:34 PM GMT+03:00
ففي وقت تتزايد فيه الشكوك حول استقرار الدولار الأميركي وسياسات الفائدة المتقلبة التي ينتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يُعيد صانعو السياسات النقدية حول العالم صياغة خارطة احتياطاتهم، واضعين الذهب في صلب استراتيجيات التحوّط وحماية القيمة.
ووفقًا لتقرير حديث نشرته "بلومبيرغ"، بالتعاون مع مجلس الذهب العالمي ومؤسسة "يوغوف"، كشفت نتائج استطلاع شمل 72 بنكًا مركزيًا حول العالم أن 43% منها تخطط لزيادة احتياطياتها من الذهب خلال الـ 12 شهرًا المقبلة، في أعلى نسبة مسجّلة منذ ثمانية أعوام، مقارنة بـ29% فقط في العام السابق. واللافت أن أيًّا من المشاركين لم يتوقع خفض احتياطاته، ما يعكس اتجاهاً جماعياً نحو ترسيخ موقع الذهب في الاحتياطيات الرسمية.
ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان تحركات البنوك المركزية في أعقاب الحرب الباردة، لكنه اليوم يستند إلى معطيات أكثر تعقيدًا، أبرزها التضخم المرتفع في كبرى الاقتصادات، وتفاقم الأزمات الجيوسياسية مثل الحرب في أوكرانيا والصراع المتصاعد بين إسرائيل وإيران.
في هذا السياق، برزت جملة من العوامل التي تدفع نحو تعزيز حيازة الذهب، أبرزها أداؤه القوي خلال الأزمات، وفاعليته في تنويع المحافظ الاستثمارية، ودوره التاريخي كمخزن للقيمة. كما سلطت العقوبات المالية على روسيا وتجميد احتياطاتها من العملات الأجنبية الضوء على ضعف الأدوات النقدية التقليدية أمام التقلبات الجيوسياسية، ما عزز من جاذبية الذهب كأصل لا يخضع للرقابة الغربية المباشرة.
وقد أظهرت بيانات "ميتالز فوكس" أن البنوك المركزية استحوذت على أكثر من ألف طن من الذهب سنويًا خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مع توقعات بمواصلة هذا الزخم خلال 2025. وتعد هذه الموجة الأضخم منذ عقود، إذ تحولت البنوك المركزية إلى مشتري صافٍ للذهب منذ عام 2009، بعد سنوات من الاتجاه العكسي في تسعينيات القرن الماضي.
ويبدو أن الذهب، الذي طالما ارتبط بالأزمات كملاذ أخير، بات اليوم أداة استراتيجية في صلب قرارات البنوك المركزية الكبرى والصاعدة على حد سواء، في لحظة تاريخية تشهد إعادة تشكيل النظام المالي العالمي وتوازناته التقليدية.
المصدر : وكالات
