حسين عطايا


لا شك أن الانتخابات المحلية "بلدية واختيارية" تأتي هذا العام في زمن مفصلي وهام جداً بالنسبة إلى الثنائي الذي يحتكر ساحة التمثيل الشيعي في الجنوب وباقي المناطق، وهذا العام تكتسب هذه المعركة أهمية قصوى لعدة اعتبارات واهداف.

بداية لا بد من التنويه أن الساحة الشيعية ولا سيما الجنوبية منها على وجه التحديد تكتسب أهمية كُبرى من حيث الجغرافيا والشعب، نتيج ما عاشه  المواطنون والأهالي من أهوال الحرب وما نتج عنها من دمار في البنى التحتية والمساكن والأراضي الزراعية التي يعيش منها أكثرية سكان الجنوب لاسيما المواطتين في القرى والبلدات المتاخمة لحدود فلسطين المحتلة من أضرار جسيمة في الممتلكات والاراضي الزراعية، حيث لايزالون خارج مناطقهم في أماكن تهجيرهم ونزوحهم فيعانون صعوبات جمة على كل المستويات والصعد.

من هنا، ونتيجة لما نتج عن الحرب من تراجع لدور حزب الله والخسائر التي تعرض لها في العديد والعتاد وخروجه من المنطقة إلى شمال الليطاني وهذا ما خلق بالنسبة له أوضاعاً ضاغطة عدا عما يعانيه من شحٍ في الأموال حيث لازال يلاقي ازمة في تسديد أموال الإقامة والتعويضات عن أضرار  الترميم مما خلق إشكالية له مع الأهالي.

هذا بالإضافة إلى ما تعانيه اساساً حركة أمل شريكته في الثنائي من عدم وجود أموال في مجلس الجنوب وتفسخ في جسدها التنظيمي والذي يتوقف على عمر الرئيس بري ووجوده على رأس الحركة وفي رأس السلطة التشريعية فحسب.

زد على ذلك عدم وجود معارضة شيعية فاعلة على الأرض نتيجة الغربة التي تعيشها تلك المعارضة عن واقعها الجماهيري كونها تقتصر على معارضة إعلامية لبعض الوجوه الفاعلة، بينما هي بعيد كل البعد عن جماهير الجنوب لأن المعارضين بأكثريتهم خارج مناطق الجنوب وهذا ما يجعل تلك المعارضة فاعلة في الإعلام والميديا بينما غائبة عن الأرض وهذا ما جعلها بعيدة كل البعد عن التأثير في نتائج الانتخابات المحلية والتي ستنطلق بداية الشهر القادم، وغيابها الكامل والفاعل في مجرياتها ونتائجها.

كل هذه الطروف مجتمعة جعلت من هذه الانتخابات مصدراً يسعى الثنائي من خلفها هدفاً لإعادة تعويم نفسه  ومحاولته بذل الجهود لقطاف نتائجها لاستعادة انفاسه بعد كل الخسائر التي مني بها  في الحرب الاخيرة.

لهذا يجهد الثنائي لنبذ كل الخلافات التي تحيط بتحالفاته البينية والتركيز على توحيد الجهود لتقاسم المجالس المحلية في المدن والقرى الجنوبية محاولاً الفوز في غالبيتها بالتزكية ومن دون مخاطر منافسات هادفاً من ذلك أموراً كثيرة أبرزها:

الاأول : إعطاء صورة للرأي العام الوطني والعربي أنه لا زال وبرغم نتائج الحرب يمسك بيده بورقة تمثيل المواطنين الشيعة في مناطق الجنوب، وفي ذلك دحض لكل مايشاع من خلال المعارضة الشيعية والوطنية عن تراجع شعبية الثنائي وحزب الله تحديداً، وهذا يخدم سياسة الثنائي بالسياسة وعلى أرض الواقع.

السبب الثاني: من خلال إمساكه بالمجالس البلدية والاختيارية في المدن والقرى يكون قد أطبق الخناق على كل الإدارات المحلية في البلدات والقرى وبذلك أصبح متحكماً في توزيع مساعدات إعادة الاعمار وهذا ما قد يجعل منه فاعلاً في توزيعها آملاً في استعادة نهج تعويضات ومساعدات العام ٢٠٠٦ بعد حرب تموز من ذاك العام وهذا ما قد يعوض بعض الخسائر في شعبيته في استعادة التفاف المواطنين الاملين بحصولهم على تعويضات إعادة الاعمار في القرى والبلدات والمدن الجنوبية بالنظر لأوضاع الناس التي يعيشونها وظروفهم المادية وحاجتهم للعودة إلى أماكن سكنهم بعد حالة النزوح والتهجير التي يعيشونها.

السبب الثالث : القضاء وفي المهد على حراك المعارضة الشيعية على الرغم من غربتها عن مواطنيها والتخلص منها قبل أن يشتد ساعدها ويستفحل خطرها في ظل ظروف الوهن والضعف الذي يعيشها طرفي الثنائي بعد نمو الدولة وسعيها في استعادة سلطتها والذي قد يُضعف سلطة الثنائي والذي قد يخلق منافسة في انتخابات العام المقبل والتي قد تحمل معها مفاجئات في نتائجها في بعض دوائر الجنوب لاسيما في تلك المختلطة في حال المعارضة الوطنية قد التفت حول المعارضة الشيعية ومحضتها الدعم والامكانيات.

إذن، هذه الأسباب مجتمعة تضغط على طرفي الثنائي لترك كل خلافاتهم وحساسياتهم الحزبية على جنب والتركيز على التنسيق المتين في تقاسم المجالس المحلية والاختيارية لاسيما في المدن الجنوبية والقرى والبلدات الكبرى في مناطق الجنوب لاسيما تلك الوازنة، والتي قد تعُطي نتائج مهمة على مستوى الإعلام والرأي العام المحلي والعربي، وبذلك تكون المعارضات الوطنية منها والشيعية قد خسرت المعركة قبل أن تبدأ والتي قد تحمل بشائر الخسائر لانتخابات العام ٢٠٢٦ النيابية منها، والتي ستكون سفينة النجاة لإطالة عمر الثنائي المسيطر والمتحكم برقاب أبناء الطائفة الشيعية الكريمة ومناطق الجنوب.

(هذه الآراء الواردة في المقال تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر موقع "Transparency News" )


المصدر : Transparency News